Stories in Shadows

همسات السحابة

في منتصف الليل، جلستُ على حافة نافذتي، أراقب الشارع الخاوي الذي يبتل بالمطر، كأن السماء تبكي على وحدتها كما أبكي أنا على ضياع أيامي. كانت هناك سحابة صغيرة، مرهقة، تتلوى بين رذاذ المطر، كل قطرة منها تحمل جزءًا من أفكارها المبعثرة، كما لو كانت تهرب من ثقل الماضي.

أغمضت عينيّ، واستحضرت صورتها تتجمع في السماء لتكوّن غيمةٍ كبيرة، تلمع في ظلمة الليل بضوءٍ خافت، كأنها تخبرني أن كل ألمٍ، وكل دمعةٍ، سيجد طريقه إلى السكون في النهاية. لكن داخلي لم يستسلم بعد، كان عقلي، كسجينٍ مستيقظٍ طوال النهار، يكتب سيناريوهات لا يراها أحد، يحوّل الألم إلى مشاهد غريبة، حيث المطر يصبح شخصية، والغيوم تتحرك ككائناتٍ تبحث عن خلاصها.

حين بدأت أولى قطرات المطر تهبط على وجهي، شعرتُ بشيء من الصفاء، وكأن السحابة نفسها تهمس لي: "حتى بين الألم، هناك جمالٌ يمكن أن يولد من الدموع". جلستُ صامتًا، أسمع قلب السحابة ونبض المطر، وأدركتُ أن النوم ليس مجرد فراغٍ، بل رحلةٌ إلى عالمٍ حيث تتلاقى الوحدة والأمل في مشهدٍ واحد، صغيرٍ، بسيطٍ، لكنه صادق.